أحب فضيلة الشيخ يسرى القرآن الكريم وحفظه على يد الشيخ حسن أبو شبانة ثم طلب علم القراءات فتلقى شروح المتون العلمية فى القراءات على الشيخ الفرماوى وحفظ المتون الثلاثة ( الحرز والدرة والطيبة).
والتحق الشيخ يسرى بمعهد القراءات فتفوق فيه وأتم مراحله الثلاثة وحصل على شهادة التخصص فى القراءات ولم يكتف فضيلة الشيخ بذلك بل التحق بكلية القرآن الكريم بطنطا – جامعة الأزهر- ثم تخرج فيها ثم عين أستاذا بمعهد القراءات بالإسكندرية.
قرأ الشيخ يسرى على شيوخ كثيرة واستفاد منهم وأجيز من أكابر أساتذة الإقراء بمصر والذين اشتهروا بالإتقان فى الأداء والعلم الراسخ فى فن القراءات وعلومها ، ولم يكن يهتم الشيخ يسرى وقتئذ بجمع الأسانيد والاشتغال بتحصيل العالى منها فقط ، بل كان الأهم لديه هو إتقان القرآن وتحرير مسائل علم القراءات مهما كلفه ذلك من الوقت والجهد والمال لله تعالى – ولا نزكى على الله أحدا- ولم يتصدر للإقراء فى بداية الطلب ، فبارك الله فى نيته وطِلبته وجاءته الأسانيد العالية بعد ذلك تسعى وذاع صيته واشتهر بالإتقان وبذل الأوقات وحسن الأدب ولين الجانب.
قرأ الشيخ يسرى على فضيلة الشيخ المُعَطر عبد الحميد السيد عنتر رحمه الله ، شيخ مقرأة مسجد العطارين بالإسكندرية ، والشيخ يسرى يعتز بإجازته منه وطلب منى أن أصدر قائمة شيوخه به (هذا مع نزول إسناده)؛ إذ أنه شيخه الأول فى القراءات العشر الصغرى واستفاد منه كثيرا فى دقائق هذا الفن وكثيرا ما يثنى الشيخ يسرى عليه كثيرا ويترحم عليه وكثيرا ما يقول : قال الشيخ عبد الحميد عنتر كذا … تعلمنا من الشيخ عبد الحميد كذا
قلت (كاتب الترجمة): وهذا من أدب الشيخ الرفيع وحسن خلقه واعترافه بالجميل الذى عليه درج وعليه يربينا وينشئنا ، فاعرف ذلك يا رحمك الله.
وذكر لى الشيخ – وهذا من طريف ما وقع له- أنه ابتدأ القراءة بالقراءات العشر الصغرى من الشيخة المتقنة إنصاف وكانت عالية الإسناد رحمها الله ، وكانت تقرئ بالجمع ولكن بتقطيع الآية طويلة إلى مقاطع قصيرة تيسرا على الطلاب – هذا مع شدتها رحمها الله- ولم تكن تجمع الآية كلها ، فظن الشيخ ذلك قصورا .
يقول الشيخ: فظننت ذلك قصورا فى العلم – غفر الله لى – ولم يكن هناك من يرشدنى ويعلمنى أن هذا ليس له دخل فى إتقان الصنعة، وكان هدفى الوحيد إتقان العلم ، فسمعت عن الشيخ عبد الحميد عنتر وأنه يقرئ بالجمع أيضا ولكن بجمع الآية كاملة ، فتركت الشيخة إنصاف عالية الإسناد وذهبت إلى الشيخ عبد الحميد عنتر وهو نازل الإسناد جدا ولكنه كان عالما محررا ، فأصبت خير كثيرا وغنمت مغانم علمية عظيمة وأثابنى الله فتحا قريبا فى القراءات وكافئنى سبحانه خير مكافأة وعلم منى صدق نيتى وأسأله الإخلاص فيسر لى أكابر العلماء وأعلى الأسانيد ، فلم يفتنى الإتقان ولم يفتنى الأسانيد العالية ، فالمهم الإتقان فى المقام الأول ، أما الأسانيد بدون علم أو إتقان فهو من العبث الذى ابتلينا به فى هذا الزمان.
قلت : وهذا أيضا ما يربينا عليه الشيخ ويكرره علينا دائما ، فصوب لنا بذلك القصد ، فاعلم ذلك وزنه بميزان الشرع .
وقرأ الشيخ أبو عبد الرحمن على ثلة من العلماء الأجلاء محررى هذا الفن ويأتى فى مقدمتهم تأريخا العلامة المحرر المدقق صاحب التصانيف الماتعة والأبحاث الدقيقة اللامعة أستاذ العصر الشيخ عبد الرزاق على موسى رحمه الله ، عضو لجنة تصحيح المصاحف ومراقبة التسجيلات بالمدينة المنورة ومقرئ القراءات العشر الكبرى والصغرى فى مصر والكويت.
سافر إليه الشيخ يسرى فى قويسنا وهى بلدة تابعة لمحافظة المنوفية وقرأ عليه القراءات العشر الكبرى فى فترة طويلة ، واستفاد منه استفادات عظيمة جدا كان لها أعظم الأثر فى تكوين شخصية الشيخ يسرى العلمية؛ فقد أضحى الشيخ مولعا بالتحريرات وأسانيد القراء وطرقهم والصحيح منها والضعيف ، والمقرؤء به وترجيحات أهل الأداء وورث أيضا الشيخ أبو عبد الرحمن من شيخه الدقة وطول البحث والإتقان فى الأداء والأمانة فى الإقراء.
يقول الشيخ: كنت أسافر إلى سيدى الشيخ عبد الرزاق فى بلدته قويسنا فلا أتعلم أحيانا كثيرا إلا الآية والآيتين بجمع القراءات العشر وكان ذلك لتدقيق الشيخ وبذله الرائع فى تأدية واجب هذا العلم بنشره على الوجه الذى يرضى رب العالمين ، رحمه الله رحمة واسعة.
قلت : أجيز الشيخ يسرى من الشيخ عبد الرزاق رحمه الله بالقراءات العشر الكبرى وهو يعد من أبرز تلامذة الشيخ ويذكر فى تلاميذ الشيخ المتقنين حال ترجمته ، ولله الفضل وحده.
وقرأ الشيخ يسرى أيضا على أستاذ الأساتيذ العلامة الإمام القدوة الشيخ المعمر ملحق الأجداد بالأحفاد والأكابر والأصاغر إبراهيم شحاثه السمنودى رحمه الله تعالى ، واستفاد منه كثيرا و للشيخ سؤالات علمية مسجلة مع الشيخ السمنودى ، وقد قرأ عليه الشيخ بحروف الأربع الشواذ إلى سورة الأعراف فقط كما أقرأه شيخه حنفى السقا.
قلت : أوصانى الشيخ يسرى بذكر منتهى القراءة (سورة الأعراف) ليعرف الناس ذلك وللأمانة فى النقل فجزاه الله خيرا.
وقرأ الشيخ أبو عبد الرحمن على الشيخ العلم الدكتور عبد الباسط هاشم حفظه الله تعالى بالقراءات العشر الصغرى والكبرى وحروف الأربع الشواذ.
وقرأ الشيخ يسرى بالقراءات العشر الصغرى على الشيخة المقرئة المعمرة مسندة العصر العالمة الميمونة أم السعد بنت محمد بن على بن نجم رحمها الله تعالى وهى عن التعريف غنية وسيرتها العطرة منتشرة بهية.
وقرأ أبو عبد الرحمن بالقراءات العشر الصغرى على الشيخ مصباح بن إبراهيم الدسوقى بعض القرءان وأجازه بالباقى.
وقرأ بالقراءات السبع من طريق الشاطبية على فضيلة الشيخ يونس الغلبان الدسوقى.
وقرأ الشيخ على الشيخ عبد الفتاح مدكور برواية حفص.
ونختم هذه الرحلة العلمية العطرة التى طاف فيها بنا الشيخ يسرى ببساتين القرءان وأعلام الزمان فى القراءات بالشيخ المقرئ المعمر زكريا الدسوقى والذى قرأ عليه إلى آخر سورة طه بالقراءات العشر الكبرى وأجازه بأعلى إسناد على وجه الأرض فيما يعلم.